باب الكلام في إثبات القياس والاجتهاد فصل: في معنى الدليل، العلة، والقياس، والاجتهاد.
الدليل: هو الذي إذا تأمله الناظر المستدل أوصله إلى العلم بالمدلول، وسمي دليلا لأنه كالمنبه على النظر المؤدي إلى المعرفة والمشير له إليه، وهو مشبه بهادي القوم ودليلهم الذي يرشدهم إلى الطريق، فإذا تأملوه واتبعوه أوصلهم إلى الغرض المقصود من الموضع الذي يؤمونه.
ألا ترى أنا نقول: إن في السماوات والأرض دلائل على الله تعالى، لأنها توصل المتأمل بحالها إلى العلم بالله عز وجل.
ومن الناس من يقول: الدليل هو فاعل الدلالة في الحقيقة، كما أن دليل القوم هو فاعل الدلالة، فيقولون على هذا: إن الله عز وجل هو الدليل على الحقيقة إلى العلم به.
قال أبو بكر: والأول أظهر في اللغة، لان أحدا لا يطلق أن الله تعالى دليل، ولا يدعوه بأن يقول: يا دليل، إلا أن يقيدوه، فيريدوا به المنجي من الهلكة، على معنى الدليل الذي ينجيهم بهدايته.