فصل فيما احتج به مبطلو القياس من (جهة) ظاهر الكتاب بقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله " فزعموا أن استعمال القياس واجتهاد الرأي تقدم بين يدي الله ورسوله، وقوله تعالى: " ولا يقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام " قالوا: من حرم أو حلل بغير نص فقد شمله حكم هذه الآية، وبقوله تعالى: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وبقوله تعالى: " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم " وبقوله عز وجل: " ولا تقف ما ليس لك به علم " وبقوله تعالى: " وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ". والقياس الشرعي لا يفضي بقائسة إلى حقيقة العلم، فهذا باطل.
الجواب وبالله التوفيق: إن قوله (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله " لا دلالة فيه على نفي القياس، لان حكم الله تعالى مستدرك من وجهين: نص، أو دلالة، والقائسون إنما تبعوا الدلائل عند عدم النص، فإذا كان الله تعالى هو المتولي لنصب الدلائل على أحكامه، فليس متبع الدليل متقدما بين يدي الله ورسوله، ويقلب هذا عليهم.
فيقال لهم: ما أنكرتم أن يكون نفي القياس تقدما بين يدي الله ورسوله، لان الله تعالى لم ينص على نفي القياس.