من الأشخاص، من قبل أن الجميع مخاطبون بالشريعة، متساوون فيها، إلا من خصته الدلائل بشئ دون سائرهم.
وقد عقلنا قبل ذلك: أن كل حكم حكم به في شخص، فهو لازم في جميع الأشخاص. فمن هذه الجهة وجب ما ذكرت (لا) من جهة اعتبار المعنى.
قيل له: لم يلزم الحكم الواقع في شخص في سائر الأشخاص من حيث ذكرت، دون اعتبار المعنى) وإجراء الحكم على من شاركه فيه.
ألا ترى أن حكم النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين، ليس هو حكما فيمن لم يكن في مثل معناه، وأن حكمه في السمن الذي ماتت فيه الفأرة، ليس هو فيما لم يشاركه في المعنى، وأن حكمه برجم ماعز، ليس هو حكما في سائر الناس، ممن لم يوجد منه الزنا. وكذلك حكمه في بريرة بالتخيير.
ونظائر ذلك مما يكثر تعداده، إنما هو حكم في غيرهم من جهة المعنى، واعتباره به.
فثبت بذلك وجوب اعتبار المعنى في إيجاب الاحكام على الوجه الذي ذكرنا.
فإن قيل: ولم وجب اعتبار المعنى في إيجاب الاحكام، من حيث وجب اعتبارها فيما استشهدت به. وهو موضع الخلاف بيننا وبينكم؟
قيل له: لما ثبت تعلق الاحكام بالمعاني على الوجوه التي وصفنا لزم اعتبارها في أغيارها مما فيه المعنى، كما وافقنا خصومنا في العقليات: أن الحكم إذا تعلق بالمعنى، فحيثما وجد المعنى وجب اعتباره، ولأنه لما ثبت تعلقه بالمعنى على الوجه الذي ذكرنا، فمن حيث وجد ساواه غيره في المعنى، وجب أن يكون حكمه حكمه.
ألا ترى أن كل من أجاز اعتبار المعنى وإجراء الاحكام عليها في نوع من الحوادث، أجازه في جميعها، مما طريقه الاجتهاد.