الصغيرة يزوجها، دل أن العلة في منع تزويج الثيب الكبيرة أنها كبيرة، وهي موجودة في البكر الكبيرة، فيكون دليله على صحة (علته) وجود الحكم بوجودها، وزواله بزوالها، فقد تعارضت العلتان من هذا الوجه.
ولا يمكن خصمنا ان يعارضنا في استدلالنا على صحة العلة بما وصفنا من وجود تأثيرها في الأصول، وتعلق الاحكام بها، بمثل استدلالنا، فتصير حينئذ علتنا أولى، فبين هذا وبين ما حكينا عن أبي الحسن مما كان يأباه فرق (واضح).
فإن قال قائل: من قال بهذا الضرب من الاستدلال على صحة العلة، أعني وجود الحكم بوجودها وارتفاعه بارتفاعها لا يصح له القول بتخصيص العلة، لأنه إذا كان يجيز وجود العلة مع عدم الحكم كيف يجوز له أن يستدل على كون المعنى علة لوجود الحكم بوجوده وعدمه بعدمه، لأنه متى اعتبر هذا قال له خصمه: لما وجدت الحكم معدوما مع وجوده وموجودا مع عدمه علمت أن ما ذكرته ليس بعلة قيل له: لا يجب ذلك، لأنه ليس يمتنع أن يكون هذا المعنى دلالة صحيحة في الأصل على صحة العلة، ويكون الحكم جاريا عليها متعلقا بها ما لم يمنع منه مانع (فإذا منع منه مانع) امتنعنا من إيجاب الحكم، وإن كانت العلة موجودة ولا يوجب ذلك فساد الدلالة، كما يقول مخالفنا: إن علة تحريم الخمر وجود الشدة لوجود التحريم عند وجودها، وعدمه عند عدمها، فيجري هذه العلة في النبيذ، ثم وجدنا حكم التكفير متعلقا بالخمر عند وجود الشدة، وزائلا بزوالها، ولم يوجب ذلك كون الشدة علة لتكفير المستحل، مع وجود هذه الدلالة التي استدللت بها على صحة اعتلالك، كذلك ما وصفنا.