وكان الذي اعتبر في صحة الصوم الشرعي مع الامساك: هو النية، والنية في نفسها ليست بقربة، والذي اعتبر في كون الوقوف قربة: هو الإحرام، وهو قربة في نفسه، فكان شرط الصوم في الاعتكاف أولى من شرط النية، إذ كان الصوم قربة في نفسه، وإن انفرد عن الاعتكاف بعلة أنهما جميعا لبث في مكان.
قال أبو بكر: ومن نظائر ذلك أنا إذا اختلفنا في عدد مسح الرأس في الطهارة كان قياسه على سائر الممسوحات من نحو المسح على الخفين، ومسح التيمم في كونه مرة أولى من قياسه على المغسول من الأعضاء، لان رد المسح إلى مسح هو من بابه ومن جنسه، أولى من رده إلى غسل ليس هو من بابه.
ونحوه إذا اختلفنا في زكاة الحلي، فردوه إلى ثياب البذلة في سقوط الزكاة، كان ردنا إياه إلى السبائك، والنقر، أولى في باب إيجابها، لأنها من جنسها، وليس كذلك الثياب.
وكقولهم: في أن أكثر الطواف يقوم مقام الكل في باب الإجزاء، قياسا على قيام أكثر أفعال الحج مقام الجميع في باب الإجزاء (إذا كانت أركان الحج: الإحرام)، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، ثم إذا وقف بعد الإحرام لم يلحقه فساد، وقام مقام الجميع، ولم يقيسوا فعل أكثر الطواف في باب الإجزاء على ركعات الصلاة في باب: (أن) أكثرها لا يقوم مقام الجميع في باب الإجزاء، إذ كان رد الطواف إلى ما هو في بابه من أفعال الإحرام، أولى من رده إلى ما ليس من بابه من أفعال الصلاة.
وكان أبو الحسن يقول في الحادثة - إذا كانت من أصل مخالف لأصل آخر في موضوعهما: فإنه لا يرد إلى الأصل الذي (يخالف) لأصل الحادثة في موضوعه.