فإن قال: نعم.
قيل: فقد جعل له بعد اجتهاده الأول مهلة في استئناف النظر والاجتهاد مرة بعد أخرى، وثانية بعد أولى، فإذا جعل ذلك لم تجد نفسه في الأحوال كلها إلا بمنزلة واحدة في باب عدم العلم بالحق عند الله تعالى، ووجوب الامتناع من القطع بأن ما أداه إليه اجتهاده هو المطلوب الذي أمره الله تعالى بإصابته عندك.
فكيف لم يصل إليه بعد المبالغة والاجتهاد واستقصاء النظر في طلب الحكم؟
كيف (لم) يعلم بعد هذه الحال أنه مصيب لحكم الله تعالى عندك؟ كما ترى الانسان إذا تحفظ وجمع باله وفكره في الإقبال على صلاته، لا يخطئ ولا يسهو.
فلو كان ما وصفت من حكم الحادثة والوصول إلى إدراكه وإصابته عروض ما ذكرت لوجب أن يكون لنا سبيل إلى العلم باستيفاء ركعات الصلاة.
(و) في وجودنا الفصل بينهما على الوجه الذي ذكرنا، دلالة على أن حكم الحادثة غير مقصور على دليل واحد يوصل إلى العلم به، وأن كل من صار إلى قول من أقاويل المختلفين باجتهاده فهو مصيب لحكم الله تعالى الذي كلفه.
وأيضا: فإن الناسي الركوع والسجود ونحو ذلك، أليس إذا كان خلفه ممن يأتم به من يراعى أفعال صلاته إذا نبهه عليه، وأعلمه موضع إغفاله ونسيانه، فذكر ورجع إلى الصواب؟
فخبرنا عن الصحابة حين اختلفوا كيف لم ينبه المصيب منهم المخطئ على موضع خطئه وإغفاله، فإن نبهه عليه وتبين له وجه الدلالة على الصواب، كيف لم يتنبه ولم يستدرك خطأه كما يستدركه الناسي إذا ذكر ونبه؟
وكيف أجمعوا على ترك النكير على المخطئ؟ وهل يجوز عندك أن ينسى إنسان بعض