فقتله، وكان فعله هو طاعة لله تعالى أن يكون مأمورا بقتل المؤمن كما كان رميه للمسلم معصية، وكان قتله للكافر بهذا الرمي معصية، لان الحكم عندك متعلق بالسبب فإذا كان السبب طاعة فمسببه طاعة، وإن كان السبب معصية فمسببه معصية.
قيل له: أما إطلاق القول: بأن الله تعالى قد أمره بقتل المؤمن (من غير) سبب يستحق به القتل فلا يجوز، لأنه توهم أنه قد أمره بأن يقصده بالرمي والقتل، كما أمره بقصد الكافر بالرمي والقتل، وإن كان قد يكون مأمورا بقتل المؤمن في وجوه يكون قتله طاعة لله تعالى، كما يقتل القاتل، ويرجم الزاني، ويقطع السارق، بعد التوبة منهم، ويكون (إيقاع) ذلك يهم على غير وجه العقوبة، بل يستحقون به الثواب الجزيل والأعواض الجسيمة، ولا يكون قتلهم بمنزلة قتلنا الكافر، لان الكافر يستحق ذلك على وجه العقوبة على كفره.
وإذا كان ذلك كذلك لم يمتنع أن يكون الرامي للكافر إذا أصاب مسلما مطيعا في رميته وإصابته، وإن كان المقتول مسلما، (و) ولا يصح مع ذلك إطلاق القول: بأن الرامي مأمور بقتل المسلم، لما ذكرنا من إيهام الخطأ، وما لا يجوز إطلاقه في المسلم.
وأما إذا رمى المسلم وأصاب الكافر فإن هذا الرمي معصية، وإن أصاب به الكافر.
(وليس يمتنع أن يكون قتل الكافر معصية في أحوال، لأنه لو قتل ذميا أو حريبا مستأمنا كان عاصيا لله تعالى بقتله، فإذا كان قتل المسلم قد يكون طاعة. وقتل الكافر قد يكون معصية، زال الاعتراض علينا في مسألتنا، بما حاول به السائل التشنيع بتجويزنا كون قتل المسلم طاعة، وعلى أن الكلام في إطلاق العبارة بأنه مأمور بقتل الكافر، أو الامتناع منه ليس هو كلاما في المعنى، وإنما هو كلام في اللفظ، وفي الاشتغال به خروج عن المسألة، فأما المعنى فهو صحيح، مستمر على الأصل الذي بنينا عليه القول في المسلم.