ومثله احتجاج عمر رضي الله عنه على الزبير وبلال، ونفر معهما، حين سألوه قسمة السواد وراجعوه فيه، مرة بعد أخرى فقال: (قال الله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) إلى قوله تعالى (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وقوله تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم) فلو قسمت السواد بينكم كانت دولة بين الأغنياء منكم وبقي آخر الناس لا شئ لهم، فعرفوا صحة استدلاله، ورجعوا إلى قوله لظهور دلالته.
وكذلك قوله تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط (الأبيض) من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) على أن الجنابة لا تمنع الصوم، لان في الآية إباحة للجماع إلى آخر الليل، ومعلوم أن من جامع في آخر الليل فصادف فراغه من الجماع طلوع الفجر، أنه يصبح جنبا، وقد حكم الله تعالى بصحة صيامه، بقوله تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، فكانت هذه دلالة في أن الجنابة لا تنفي صحة الصوم.
ونحوه: استدلال ابن عباس رضي الله عنه (على أن الحمل قد يكون ستة أشهر بقوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ثم قال وفصاله في عامين فجعل الحمل ستة أشهر.
ونحوه: قول معاذ لعمر - رضي الله عنه - حين أراد أن يرجم حبلى: إن يكن لك عليها سبيل، فلا سبيل لك على ما في بطنها، ولم يكن عمر - رضي الله عنه - ممن يشكل عليه وجه ذلك، وقد كان عمر أعلم من معاذ، ولكنه لم يعلم من حملها ما علم معاذ.