الاجتهاد والاستدلال. فالخبر صحيح على ما ذكرنا في جواز الاجتهاد، لأنه إن كان أبو بكر مخطئا في الفداء، فعمر مصيب في الإشارة بالقتل، ولم يختلفوا أن الله تعالى لم يعاتبه في المشاورة في استعمال اجتهاد الرأي فيه.
ومنه: حديث قصة الاذان، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتم للصلاة (كيف يجمع لها الناس، فقيله: يا رسول الله: انصب راية عند حضور الصلاة)، فإذا رأوها أذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه، وذكروا له شبور اليهود، فلم يعجبه وقال: هذا من أمر اليهود، وذكروا له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى، ثم أرى عبد الله بن زيد الاذان، فحاء فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لقنها بلالا)، فشاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في جهة إعلام الناس بالصلاة. فاجتهد قوم في الراية، وقوم في الشبور، وقوم في الناقوس، ولم يعنفهم النبي صلى الله عليه وسلم في اجتهادهم.
ومن ذلك تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ في بني قريظة ليحكم فيهم بما يراه صلاحا، فحكم فيهم بقتل الرجال، وسبى الذرية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (حكمت بحكم الله تعالى من فوق سبع سماوات).
فان قيل: إنما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه وافق حكم الله تعالى.
قيل له: هذا غلط وسنبينه، ومع ذلك فدلالة الخبر صحيحة على ما ذكرنا، وهو تحكيمه إياه بمبلغ رأيه واجتهاده، وأن يكون وافق الحكم الله عز وجل أو لم يوافقه، غير