فيطلق على الدلوك انه سبب للوجوب ولو لم يوجد بعد، ويمتنع ان تكون منتزعة عن نفس التكليف، كيف؟ وهي ثابتة قبل وجود التكليف كما عرفت.
وإذا عرفت ما ذكرناه، فنقول: ان محل الكلام فيما نحن فيه، هو السببية الشأنية دون السببية الفعلية، وذلك لان المبحوث عنه هو ما يطلق عليه السبب والشرط مع قطع النظر عن وجوده في الخارج، كما يقال: " الدلوك سبب لوجوب الصلاة " و: " الاستطاعة شرط لوجوب الحج "، فان السببية والشرطية هي الشأنية لا الفعلية كما لا يخفى.
وهي كما عرفت لا يصح ان تنتزع عن التكليف لتأخره عنها، فلو انتزعت عنه لزم الخلف، بل هي منتزعه اما عن خصوصية واقعية في ذات السبب، واما عن كيفية الجعل والانشاء - على ما سيأتي تحقيقه -.
فلا خلط في كلامه (قدس سره) بين ذات السبب والسببية، بل نظره (قدس سره) إلى السببية الشأنية السابقة على التكليف، لا الفعلية كي يحصل الخلط. اذن فهذا الايراد غير وجيه.
نعم، يمكن ان يورد على صاحب الكفاية: بان من يدعي كون السببية الشأنية منتزعة عن التكليف لا يريد انها منتزعة عن نفس التكليف الفعلي، كي يتأتى ايراده المتقدم، بل يريد انها منتزعة عن مقام الجعل وكيفية الجعل، فان جعل المولى التكليف مقيدا بشئ انتزع عنه ان ذلك الشئ شرط - مثلا -، وان جعله مطلقا من ناحية ذلك الشئ لم ينتزع عنه شرطية ذلك الشئ.
ولا يخفى ان مقام الجعل ليس متأخرا عن السببية الشأنية. اذن فالايراد من هذه الناحية - أعني: تأخر التكليف عن السببية ولزوم الخلف لو كانت منتزعة عنه - غير تام.
وانما المهم هو تحقيق ان السببية الشأنية هل هي منتزعة عن كيفية الجعل - كما قيل -، أو انها منتزعة عن خصوصية واقعية بلا دخل لكيفية الجعل، كما