ويشكل حينئذ بأن لازم ذلك وجوب القيد أيضا ضرورة وجوب القيد بوجوب مقيده بوصف كونه مقيدا، وبدونه لا يكون الواجب إلا ذات المقيد والمفروض خلافه.
وما دفعه به صاحب التقريرات - من أن كونه ذا مصلحة مختص بما إذا كان قيده غير مكلف به، وإذا كان تحت التكليف فلا يكون فيه مصلحة - فمدفوع، بأن كون شئ عدمي مؤثرا في مصلحة شئ بعيد جدا، فإن متعلق الأوامر تكون ذا مصلحة إذا أتى بها بعنوان الامتثال، ولا امتثال في العدمي كما لا يخفى.
وأما ملاك كون القيد راجعا إلى الهيئة فيتصور بأحد الوجوه الثلاثة:
الأول: أن يتعلق غرضه برفع المفسدة الموجودة أو دفع المفسدة المتوجهة عند وجود ما يحتمل أن يكون قيدا للمادة أو الهيئة كما في قوله مثلا (إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة) و (إن أفطرت فاعتق رقبة) و (إن فاتتك فريضة فاقضها) فإن الظهار والافطار وفوت الفريضة لا يمكن أن يكون قيدا للمادة، كيف وهي بوجودها الخارجية علة مجئ الحكم، ولا يعقل أن يكون متعلق الحكم الناشئ من قبل شئ مقيدا به.
الثاني: أن يتعلق فرضه بوجود المكلف به مطلقا، بمعنى كون المتعلق ذا مصلحة مطلقا لكنه لوجود المانع قيد الحكم برفعه، كما في القدرة والعقل والتميز، فإنها شرائط للحكم لا لمتعلقه، فان فيه مصلحة على الاطلاق لكن لم يكلف لعدم انبعاث فاقدها نحو المطلوب.
الثالث: أن يكون فيه مصلحة مطلقا، لكنه إن أمر به كذلك يلزم العسر والمخالفة الكثيرة، وكلاهما منافيان للطفه تعالى، كما في اشتراط الحج بالاستطاعة والزكاة بتملك النصاب المستفاد من قوله مثلا (إن استطعت فحج) أو (إن ملكت النصاب فزك)، فلما ثبت في مقام الثبوت اختلاف تعلق القيود حسب اختلاف الملكات فهل يكون في مقام الاثبات ما يدل عليه أم لا؟ الظاهر لا.