داعي الامر، فإن الامر المتعلق بما له أجزاء وشرائط ومقدمات أمر واحد لا تعدد فيه بتعددها ولا يتقرب العبد بإتيانها إلا مع إتيان ذيها، لان التقرب إنما يحصل بإتيان المأمور به بقصد امتثال أمر المولى، والمفروض أنه لا أمر مولويا بالنسبة إلى المقدمات ليأتي بها بقصد الامتثال كما لا يخفى.
فالتحقيق أن يقال: إن مأخوذية شئ في شئ يمكن أن يكون بأحد الوجوه الثلاثة:
الأول: بنحو الجزئية، بأن يكون قصد التقرب مثلا مع سائر الأفعال مجموعا متعلقا للامر.
الثاني: بنحو القيدية، مثل أن تكون الصلاة المقيدة بالطهارة نحو خروج القيد ودخول التقيد متعلقة للامر. والمراد من خروج القيد خروجه عن الاعتبار، وإلا فهو في الحقيقة داخل في المأمور به، بل التقيد عين القيد كما لا يخفى.
الثالث: بنحو الشرطية وإرجاع الشرائط الشرعية إلى العقلية، بمعنى أن كل ما جعله الشارع شرطا فهو دخيل في إيجاد المشروط على ما هو عليه لبا وفي نفس الامر. غاية الامر لما لم تدركه العقول الجزئية كشف عنه الشرع الذي بيده ملكوت كل شئ، وقصد التقرب يمكن أخذه بأحد هذه الوجوه الثلاثة.
والاشكال على الوجه الأول - أعني أخذه بنحو الجزئية - بأن من شرائط تعلق الامر بالمركب كونه بتمام أجزائه مقدورا اختياريا وداعي الامر لا يكون اختياريا، وإلا لزم التسلسل، فلا يمكن تعلق الامر بالمركب مدفوع أولا: بالنقض بكونه دخيلا في حصول الغرض الذي هو مسلم عند المستشكل فإنه لا فرق في الشرط المذكور بين كون الشئ متعلقا للامر أو كونه دخيلا في حصول الغرض، فكما يمكن الثاني باعترافه فكذا الأول.
وثانيا: منع لزوم كون الإرادة بالإرادة أيضا، فإن الافعال وإن كان كلها بالإرادة لكن الإرادة موجودة بنفسها كما لا يخفى.