فلا بد من بيان ما يمتاز أحدهما عن الاخر ثبوتا أولا، ثم بيان استظهار أحدهما عند التجرد عن القرينة ليحمل عليه ثانيا إثباتا.
فنقول بعون الله تعالى: كل شيئين هما اثنان لا بد لهما مما يمتاز أحدهما عن الاخر، فإما بالتباين الحقيقي بمعنى أنه لا شئ من ذات أحدهما بالآخر، وإما بالفصل بمعنى أن له حيثية مشتركة في مرتبة الذات وحيثية مختصة في مرتبتها أيضا وهو الفصل، وإما بالمرتبة بمعنى أن ما به الامتياز من نفس ما به الاشتراك.
وهو (1) إما بالكيف كالشدة والضعف وهو تارة يكون بالضمائم الخارجية ولا إشكال في وجوده، وأخرى بنفس العرض. أو بالكم كالأطولية والأقصرية، أو بالذات كالأكملية والأنقصية بناء على وجود هذا القسم في الذات أيضا.
لا إشكال في عدم كون امتياز الواجب عن المندوب من قبيل الأول (2) لاشتراكهما في الطلب كما هو المفروض.
وتعريفهم الواجب بأنه طلب الفعل مع المنع من الترك يؤيد كونه من القسم الثاني (3).
وفيه: ان مفهوم الوجوب بسيط مع أنه قد يكون المنع من الترك عين طلب الفعل، فلا يكون جزء له باعتبار المغايرة في الاجزاء.
وتعريف آخرين للوجوب بأنه ما يستحق تاركه العقاب والمندوب ما ليس كذلك، أو أنه ما لا يرضى الامر بتركه، والمندوب ما يرضى به موهم أنه من الثالث، أي ما يكون امتيازهما بالعوارض.
وفيه: ان استحقاق العقاب (4) معلول للطلب الايجابي والمعلول متأخر في مرتبة الوجود الذهني عن العلة فلا يصلح لان يكون مميزا في مرتبة التي