لوجودها الذهني - سواء كان لازما خارجا أيضا أم لا كالعمى بالنسبة إلى البصير، حيث إنه لازم له مع أنه ممتنع الاجتماع خارجا مع العمى - والثاني ما يكون لازما للوجود الخارجي للملزوم - سواء كان لازما ذهنا أم لا - مثلا هيئة (زيد قائم) التي هي مركبة من دوال ثلاث على مداليل ثلاثة: (الأول) الموضوع وهو زيد الدال على ذاته. (الثاني) المحمول وهو قائم الدال على ذات ثبت له القيام. (الثالث) النسبة الدالة على انتساب القيام إلى زيد على وضع خاص.
يلاحظ انتساب أجزاء هذه الهيئة إلى نفسها (تارة) وبهذا الاعتبار يسمى وضع تمام المقولة، وانتسابها إلى خارجها (أخرى) وبهذا الاعتبار يسمى وضع بعض المقولة.
فمجموع الدوال الثلاث إذا دل على مجموع هذا الوضع، بمعنى أنه إذا وجد في الخارج تمام هذه الهيئة يوجد أجزاؤها أيضا قطعا ولا يلزم من تصور المجموع من حيث، هو تصور أجزائها لغفلة الذهن كثيرا عن تصور الاجزاء، فبين المعنيين عموم من وجه.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الكلام في الالتزام بالمعنى الثاني وهو اصطلاح الأصوليين دون الأول وهو اصطلاح المنطقيين.
فنقول: المدلول الالتزامي في المركبات - بالبين بالمعنى الأخص - داخل في المنطوق، لما ذكرنا آنفا وأما البين بالمعنى الأعم فهو داخل في المفهوم على ما قيل ونسب أيضا إلى الشيخ الأنصاري رحمه الله على ما حكي عن بعض مقرري بحثه.
إن قيل: إن الكل مستلزم للجزء، فاللفظ الدال على الكل دال على الجزء بالمنطوق، فأين المفهوم؟ قلت: الكل مستلزم للجزء خارجا لا تصورا كما قلنا من أن المتكلم قد لا يتصور الجزء حين التكلم.
فانقدح أن المعنى المطابقي والتضمني والالتزامي البين بالمعنى الأخص داخل في المنطوق، والالتزامي البين بالمعنى الأعم داخل في المفهوم.