وحاصل ما يستفاد من كلمات المقرر قدس سره أنه إذا كان الجزء الذي يكون أمرا كقوله (إن جاءك زيد فأكرمه) يكون القيد بحسب القواعد اللفظية متعلقا بالطلب بمعنى تعلق الطلب المطلق بإكرام زيد على تقدير مجيئه على المشهور مع استثنائهم المقدمة التي تكون مقدمة للوجوب أيضا.
بيانه: أن لإكرامه في قولنا (إن جاءك زيد فأكرمه) مادة لفظية أعني لفظ الاكرام، ومعنوية أعني مفاده، وهيئته هي طلب مفاد الاكرام، والتعليق المستفاد من لفظة (إن) وإن كان قيدا لطلبه لا لمطلوبه بحسب القواعد اللفظية العربية بل مطلق المحاورات إلا أنه بحسب اللب وبحسب القواعد الأدبية يمتنع كونه قيدا لها.
أما لبا فإن الامر إذا تصور شيئا فإما أن يطلبه مطلقا أو مقيدا بتقدير خاص فيكون المطلوب مطلقا أو مقيدا بحسب اختلاف المصالح والمفاسد.
أما ما بحسب الدقائق العربية فالجهات الباعثة للامتناع ثلاثة:
الأولى: أن الطلب إنشاء، والانشاء إيجاد، وهو يمتنع أن يعلق على شئ.
الثانية: أن وضع الهيئات عام والموضوع له عام والمستعمل فيه خاص كالحروف، فيكون جزئيا حقيقيا ولا يعقل الاطلاق فيه.
الثالثة: أن لحاظ مفاد الهيئات كلحاظ الحروف آلي، بل لا يكون ملحوظا في الحقيقة إلا بلحاظ طرفيه، وما لا يكون ملحوظا مستقلا يمتنع تقييده، فإنه بعد لحاظه مطلقا، بقيده، وإذ ليس فليس، هذا.
ونحن نقول: حيث كان إثبات كون القيد راجعا إلى المادة أو الهيئة بعد الفراغ عن مقام الثبوت فالأولى أن ننقل الكلام إليه ببيان ملاكها.
فنقول بعون الملك العلام: ملاك الارجاع إلى المادة يتصور فيما إذا كان غرض المولى بعث المكلف أو زجره إلى المصلحة أو عن المفسدة اللتين لا توجدان إلا في صورة وجود القيد، فلا محالة يتعلق الطلب بالفعل المقيد، فإن المفروض أن لا مصلحة فيه بدون القيد.