هو واضح لا مرية فيه.
بل مقتضى التمدن كان كذلك من أول الامر بين جميع العقلاء بما هم عقلاء ومنهم العبيد والموالي.
فالبحث يقع في حجية كلام كل متكلم يحتاج إليه في فهم مراده - وهو القسم الثاني الذي ذكره الشيخ - الذي هو بمنزلة الصغرى للقسم الأول.
وحيث إن البحث في الكبرى أهم فلنقدمه فنقول:
أنه لا شبهة في كون هذه المسألة من مسائل الأصول، بناء على ما هو التحقيق من كون موضوع علم الأصول هو الحجة في الفقه، فإن المدون الأول لعلم الأصول - وهو الشافعي - جعل ذلك موضوعه، وكان بصورة تعيين ما هو حجة فيه، من غير فرق بين الأدلة الأربعة وغيرها، فإن موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية.
والمراد بالعرض في التعريف العرض المنطقي الذي لا يأبى عن كونه ذاتيا، لان العرض يطلق على ما هو متحد مع شئ آخر وجودا كما يقال: إن الجنس عرض عام للفصل، والفصل عرض خاص للجنس وكلاهما عرضان للنوع.
وهذا بخلاف العرض عند الطبيعي، فإنه يطلق عنده على ما هو الموجود في محل في مقابل الجوهر الذي هو موجود لا في محل، والمفروض أن المسائل الأصولية متحدة وجودا مع مفهوم الحجة مغايرة مفهوما كما في سائر الموضوعات مع محمولاتها.
إذا عرفت هذا فاعلم أن اللفظ الدال على معنى على قسمين: أحدهما كونه موضوعا ليستعمل في ايجاد المعنى، ثانيهما وضع لأجل كونه حاكيا ومفهما.
والثاني على قسمين: قسم وضع لافهام المعنى التصوري كالألفاظ المفردة مثل زيد وعمرو وبكر وأمثالها، وقسم وضع لافهام المعنى التصديقي كالقضايا التصديقية.