المطلوب بنفس هذا الطلب من دون ضميمة مقدمات اخر، وأخرى يريد مطلوبه ويطلبه مع الضميمة والمرغبات كالسائل الذي يطلب مع ضميمة الدعاء بالخير والالتماس والتواضع وغيرهما من الضمائم والبواعث.
والأول يستلزم أن يكون الطالب عاليا مع إعمال علوه في مقام الطلب ويسمى أمرا. لا أقول إن علو الامر معتبر في تحقق مفهوم الأمر بحيث يصير مركبا من الطلب وعلو آمره، بل أقول: إن هذا النحو من الطلب يستتبع علو طالبه.
فانقدح بذلك عدم اعتبار واحد منهما في تحقق مفهومه.
إذا عرفت هذا فاعلم أن كون الامر حقيقة في الايجاب أو الندب أو مشتركا بينهما لفظيا أو معنويا موقوف على بيان معنى الطلب وما به يمتاز الايجاب عن الندب وبيان وجه إيراد الأصوليين مسألة الطلب والإرادة في هذا الفن مع أنه بحث كلامي.
فنقول: إن الناس قبل ظهور الاسلام ودعوة النبي صلى الله عليه وآله لا يعبأون بمسألة تعلم العلم وتعليمه إلا قليلا بعد ظهوره وظهور القرآن والسنة.
ففي زمن الصحابة كانوا يأخذون المطالب مبهما ولا يهتمون به كثيرا أيضا.
وفي زمان التابعين - لما برز الاسلام كثيرا والمسلمون كانوا يجاهدون ويقاتلون فيغلبون فيأسرون من الأكناف من الروم وغيرهم - كان المسلمون يجلسون حلقا حلقا فيذاكرون العلم ويعلمون ويتعلمون الكتاب والسنة.
والحسن البصري كان من الأسارى وكان المسلمون يجالسونه ويأخذون منه المطالب والمعالم والمباحث العقلية التي من جملتها التكلم في صفات الباري تعالى التي قسموها إلى صفات الذات.
قالوا: هي الصفات التي يحمل عليه تعالى في مرتبة ذاته تعالى ومعه.
والى صفات الفعل وقالوا: هي التي يحمل عليه تعالى باعتبار صدور فعل من الافعال، ووقع الكلام يوما في أنه هل يكون بين الكفر والايمان واسطة أم لا؟