يحصل الامتثال بالنسبة إلى بعض الحدود بأمر الإمام عليه السلام أو نائبه على قول، وكذا تكون الدية على الرامي يأخذها أولياء المقتول من تركته، هذا مع أن المسببات أيضا أفعال، غاية الامر مع الواسطة.
إذا عرفت هذا فقد ظهر لك في مثال الرمي أن السبب يمكن أن يكون مقدما على المسبب، ولا يشترط تقارنه معه زمانا كما قيل، نعم يشترط كونه مقدما عليه طبعا.
وما نسب إلى أهل المعقول من اشتراط كون العلة بتمام أجزائها مقدمة على المعلول وجودا ومقارنة له زمانا.
فهو إنما هو في العلة الأصلية الحقيقية التي هي ما منها الوجود لا فيما هو من قبيل المقام من كون الوجود اعتباريا وكون الأسباب المباشرية مسببة عنها.
وبالجملة، إن كان المراد من سببيتها لها أن التقدم بالوجود الذي هو عبارة عن اعتبار المتأخر موجودا بعد اعتبار الوجود للمتقدم في المرتبة المتقدمة من غير لزوم العكس فالمقام كذلك ولا بأس به ويسمى هذا التقدم (التقدم بالعلة) وبالطبع وبالذات أيضا.
وإن كان المراد تقارنهما زمانا مع تقدم السبب طبعا فممنوع كما في المثال المتقدم، فإن الرامي لا يكون موجودا باقيا حين حصول القتل، لأن المفروض موته قبل الإصابة، اللهم إلا أن يقال: إن السبب هو الإصابة حينئذ فيقال: إن الإصابة أيضا مسببة عن الرمي المتقدم عليها زمانا من غير تقارن، وكذا الحال بالنسبة إلى الشرط وعدم المانع والمعد، بل فيهما بطريق أولى كما لا يخفى.
فانقدح بذلك دفع ما يستشكل في الشرط المتقدم أو المقارن من أنه لا بد أن يكون الشرط مقارنا وجودا للمشروط، وغالب (1) الشروط لا يكون كذلك، ولا سيما الشرط المتأخر.