وبالجملة، فعمدة الدليل على حجية الظواهر بناء العقلاء الراجع إلى حكم العقل بذلك.
وقد يقرر (1) البناء لوجهين آخرين:
(الأول) أن بناءهم على العمل بالظواهر حيث لم يردع الشارع فيكشف عن حجيتها، واستشكله المقرر بأنه لا يثبت وجوب العمل كما هو المدعى.
(الثاني) أن طريقتهم احتجاج بعضهم على بعض في موارد الاحتجاج بمعنى حكمهم باستحقاق العبد العقوبة على تقدير مخالفة عمله للواقع، وهذا هو الحق.
وحيث يكون هذا النحو من الاستدلال عمدة ما يعتبر في المسائل الأصولية التي هي عبارة عن الحجة في الفقه كما مر مرارا وعمدة الدليل على حجية خبر الواحد الذي يثبت به عمدة المسائل الفقهية الفرعية.
فلا بد من شرح المراد من هذا البناء على نحو الاجمال فنقول:
التحقيق أن بناء العقلاء ليس حجيته باعتبار صيرورته واسطة في إثباتها فيقال - مثلا -: هذا مما يبني عليه العقلاء، وكل ما يبني عليه العقلاء حجة ينتج أن هذا حجة.
بل هو راجع إلى حكم العقل بذلك، بمعنى أن كل عاقل يحكم بأن اللفظ إذا كان قالبا لمعنى، يجب ترتيب آثار ذلك المعنى حتى يثبت خلافه فيرجع إلى دعوى كونها بديهية بنظره.
وبعبارة أوضح: العقل يحكم بقبح ترك العمل بظواهر الألفاظ معتذرا باحتمال إرادة خلافها، وبحسنه ما لم يظهر خلافها، فيرجع إلى التقبيح والتحسين العقليين.
فحينئذ، فهل تكون هذه الحجية ذاتية له كالقطع بحيث لا يمكن منعه، فلو منع يرى متناقضا أو تكون بعوارض خارجية؟ الحق هو الثاني.
والعوارض التي تتصور في كونها موجبة لها أمران: