العقل أن عنوان المأمور به شئ لا يحصل إلا به، فيكون مقدمة عقلية. وكذا العادية، فإن العقل يحكم - مع فرض العادة - أن ذيها لا يحصل إلا بهذه المقدمة العادية.
(ومنها) انقسامهما إلى المتقدمة والمقارنة والمتأخرة بحسب الوجود بالنسبة إلى ذي المقدمة.
ولا بد هنا من بيان المراد منها كي يدفع بعض الاشكالات الواردة عليها من حيث لزوم تقدم اجزاء العلة على المعلول، والمتأخر بل المتقدم لا يكون قابلا لان يؤثر في المعلول المتقدم أو المتأخر زمانا، بل لا بد من تقارن زمانيهما.
فنقول بعون الله الملك الوهاب:
إن الأصوليين قسموا المقدمة باعتبار إلى: السبب، والشرط، وعدم المانع، والمعد.
وقالوا: إن الأول ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، والثاني ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، والثالث ما يكون وجوده مزاحما لوجود شئ آخر، والرابع ما يلزم من وجوده وعدمه معا الوجود.
ومنشأ هذا التقسيم إلى أن الشئ إما أن يكون دخيلا في وجود شئ آخر أو لا، ودخله إما أن يكون بنحو التأثير في وجوده فهو السبب، وإما أن يكون مؤثرا في قابليته للوجود تارة بوجوده فهو الشرط، وأخرى بعدمه فهو عدم المانع، وثالثة بهما بمعنى التركب من الوجود والعدم فهو المعد.
ويمكن إرجاع الأربعة باصطلاح الأصوليين إلى المعد باصطلاح أهل المعقول، فإنهم يطلقونه على ما يكون دخيلا في وجود الشئ.
وبعبارة أخرى: يستعد الشئ بوجوده فيكون المؤثر في الواقع ونفس الامر هو المقتضى - أعني الإرادة - ويكون الشرط والسبب وعدم المانع والمعد