مسبوقة بالعدم في زمان إلا أنه في وجوبها، فإنه مسبوق بالعدم ولو بعدم وجوب ذيها مدفوع بأنه إذا كان المرفوع بالأصل تنجزها فغير مثمر، فإنه لا أثر للوجوب إلا لزوم إتيانه واستحقاق الثواب أو العقاب في صورة الموافقة أو المخالفة، والأول لازم مقدميتها كما مر، والثاني مفقود في المقام باعتراف المتوهم وان كان فعليتها، فاجراء الأصل غير ممكن، فان وجوب المقدمة لا يكون لها جعل مستقل كي يدفع بالأصل عند الشك، بل هو إن كان، فهو للملازمة الواقعية، فلا يمكن رفع اللازم مع فرض ثبوت الملزوم كما هو المفروض في المقام هذا مضافا إلى أنه لا أثر في رفعه وجريان الاستصحاب بلحاظ آثاره كما مر.
إذا أحطت خبرا بما ذكرناه من أول بحث المقدمة إلى هنا فاعلم أن النزاع في وجوب المقدمة وعدمه على وجهين:
الأول: أن يقال: إنه لما وجب ذو المقدمة وجب بحكم العقل الاتيان بمقدماته بلحاظ أنه لا يحصل إلا بإتيانها. وبعبارة أخرى: يتصور النزاع في الوجوب العقلي لا الشرعي، فهذا لا نزاع فيه.
الثاني: أن يقال: بكشف العقل من ايجاب ذيها وعدم حصوله إلا بها أن هنا حكما شرعيا بحيث لو التفت الامر إلى المقدمات يحصل له حالة بعثية إليها، فهذا محل النزاع.
فنقول: ذهب المشهور إلى وجوبها مطلقا والظاهر استنادهم إلى الوجدان كما يظهر من استدلالاتهم، والشهرة وإن قلنا بحجيتها في الاحكام الفرعية إلا أنها ليست حجة في مثل المقام، كما لا يخفى وجهه.
ونسب إلى بعض العامة إنكار وجوبها مطلقا.
وذهب بعض إلى التفصيل بين المقدمة السببية وغيرها، وآخر إلى التفصيل بين المقدمة الشرعية وغيرها بالوجوب في الأولين دون الثانيين.
والظاهر أن منشأ اختلافهم ليس الاختلاف في حكم الوجدان كي يشكل