أما في الأول فالفرق بين مسألة الضد والمقام، فان النزاع في مسألة الضد هو أنه هل يكون وجود أحد الضدين اللذين لا يمكن وجودهما معا في زمان واحد، مقدمة لعدم الاخر أم لا يكون هنا إلا المعية في التحقق؟ بمعنى أن وجود أحدهما مع عدم الاخر فمنع المقدمية حينئذ متجه كما ذكرنا في محله.
بخلاف المقام، فإن النزاع فيه هو أنه هل يجب الخروج الذي هو مقدم زمانا على التخلص من الغصب الذي هو متأخر زمانا أم لا؟ فحينئذ يمكن القول بمقدمية الخروج، فإنه لا يكون التصرف الخروجي مع ترك الغصب واردين على موضوع واحد في زمان واحد، فلا يكون أحدهما مقدمة للآخر بخلاف مسألة الضدين.
وأما في الثاني فلان وجوب التخليص من أحكام الغصب الذي هو الاستيلاء على مال الغير، لا من أحكام التصرف في مال الغير بغير إذنه أو مع نهيه، فإن بينهما عموما وخصوصا من وجه لصدق الثاني دون الأول فيما إذا ألقى في ملك الغير من الخارج شئ وبالعكس فيما إذا لم يكن مستوليا، وصدقهما في المتصرف والمفروض في المقام أن التصرف وقع بغير إذن مالكه، لا أنه غصبه واستولى عليه ثم تصرف بعنوان الغصب كما هو واضح.
فصل في دلالة النهي على الفساد إذا تعلق النهي بعبادة أو معاملة فهل يدل على فسادهما أم لا؟ وبعبارة أخرى:
هل يقتضي النهي فسادهما أم لا؟ وقبل الخوض في المقصود لا بد من بيان معنى الصحة والفساد.
فاعلم أن كل شئ يوجد - سواء كان من الجواهر أو الاعراض، وسواء كان من الأمور الأصلية أو الجعلية - ويترقب منه أثر يترتب عليه الذي يتصف بالعنوان المخصوص إن وجد منضما بذاك العنوان، فهو صحيح وإلا ففاسد.