فنقول: حيث إن الدليل الظاهري إنما حكم بكون البدن أو اللباس المشكوك طهارته بحكم الطاهر فلا بد من أحد معنيين: إما أن يكون المراد كون المصلي كذلك معذورا في المخالفة، أو أن العمل الكذائي ينطبق عليه عنوان الصلاة، والأول غير معقول، فإنه في صورة كشف الخلاف في الوقت لا مخالفة فلا معنى للعذر، وفي خارجه - حيث إن المخالفة مسببة عن العمل بنفس الحكم الظاهري وهو صار سببا لها أيضا - لا مخالفة للحكم فلا معذورية أيضا، فإذا ثبت بطلان الأول تعين الثاني، فلو حكم مع ذلك بلزوم الإعادة في صورة كشف الخلاف، لزم الحكم بلزوم إتيان فردين من الطبيعة المأمور بها والمفروض، بل المسلم عدم اللزوم.
إن قلت: فكيف الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.
قلت: وإن لم يمكن الجمع هنا بأحد الوجهين المتقدمين في الشبهة الحكمية أما (1) كون الواقعي شأنيا والظاهري فعليا فلان الشأنية هناك كانت متوقفة على إمكان انبعاث العبد بالخطاب الأول بالنسبة إلى الشأني فلا محالة تكون الإرادة الأولية المنكشفة بذاك الخطاب شأنية، وأما ما نحن فيه فليس كذلك، فإن تعين الامر والمأمور به والتمكن من تحصيل شرائطه الواقعية شرط فيحكم العقل بلزوم تحصيلها لولا حكم الشارع بالتنزيل.
وأما الوجه الثاني - أعني كون الحكم الظاهري حجة وعذرا صوريا والواقعي حقيقيا فعليا - فلما مر من عدم تحقق العذر، لا في صورة انكشاف الخلاف في الوقت ولا في خارجه.
ولكنه (2) يمكن الجمع بوجه آخر يرجع إلى الوجه الأول، بتقريب آخر، وهو أن الاحكام لا بد لها من ملاك ومصلحة، ويلزم العبد في مقام الامتثال المشقة