فالحاصل: أن الاشكال المعروف بينهم - من أنه كيف يمكن وجوب المقدمة مع عدم وجوب ذيها في مثل (صم غدا) مع اشتراط صحة الصوم بالاغتسال قبل الفجر، مع أنه بناء على الملازمة يترشح من ذي المقدمة إلى المقدمة - يمكن دفعه بأحد الأوجه الأربعة:
(إما) بكون الواجب معلقا دون وجوبه، كما نسب إلى صاحب الفصول رحمه الله.
(أو) كون قيد الزمان في الواجب المتقيد به شرعا راجعا إلى المادة دون الهيئة، كما نسب إلى الشيخ الأنصاري قدس سره.
(أو) كون القيد من قبيل الشرط المتأخر، ولا ضير في تأخره زمانا بعد كونه متقدما بالطبع وبالعلة، كما نسب إلى صاحب الكفاية أعلى الله مقامه.
(أو) كون وجوب المقدمة نفسيا تهيئيا، كما نسب إلى المحقق الأردبيلي قدس سره، هذا.
واعلم أن القسم الثالث من الأقسام الثلاثة للواجب سيأتي إن شاء الله تعالى في مبحث القيد.
وأما الأولان فقد يشكل في الأول منهما، بأنه لا يمكن تعلق إرادة المولى بالوجوب الفعلي المتعلق بالواجب الاستقبالي، فإن الوجوب في الوقت الشرعي لا يمكن فعليته لعدم تمشي الإرادة التشريعية بالنسبة فإنها كالارادة التكوينية، فكما لا يمكن إيجاد فعل تكويني فعلا في زمان متأخر، فكذا لا يمكن البعث نحو فعل متأخر، فلا يترشح وجوب المقدمة من ذي المقدمة التي كذلك بخلاف الموقت العقلي الذي يكون وجوبه فعليا، غاية الامر تحقق الواجب يحتاج إلى مقدمات مستلزمة لمقدار من الزمان، فإن وجوبها فيه بملاك تفويت الواجب.
وبعبارة أخرى: إن أتى مثلا بالغسل قبل الفجر يمكن التكليف بعده بالصوم، وإلا فلا، فكما يحرم ترك الواجب المحقق فكذا يحرم ترك ما يوجب انتفاء الموضوع للواجب، فلأجل عدم تحقق القبح تتحقق الإرادة الفعلية بالنسبة إلى