وأما الأول فقد يقال باستحقاقه للأول عقلا، لان تحميل الغير على المشقة قبيح عقلا، واستحقاقه شرعا أيضا بمقتضى الآيات الدالة على حصول الاجر بفعل الطاعات.
والحق عدم الاستحقاق، لان عمل المملوك لا يوجب على المولى الذي وجوده منه مع تمام شؤوناته ولوازم إطاعته من العقل الذي هو رسول باطني والشرع الذي هو عقل (رسول - خ ل) ظاهري ولا سيما عند كون أوامره لمصلحة نفس العبد كأوامر الطبيب بالنسبة إلى المريض.
وكيف كان، فعلى القول بالاستحقاق لا فرق بين الواجب النفسي والغيري لان حكم العقل قبح حمل الغير على عمل بلا أجرة، وهذا كما ترى لا فرق بينهما بل يحكم بهذا مع عدم وجوبه أيضا، فلا يبتنى القول باستحقاق الثواب على المقدمات على القول بوجوبها، سواء كانت مطلوبة بنفسها أيضا أم كان وجوبها مترشحا من وجوب ذيها.
وأما الاشكال - بأن وجوب المقدمات لا بد أن يكون توصليا لا تعبديا، فإن المقدمة ما هو بالحمل الشايع الصناعي مقدمة، أعني ذات الافعال التي لها دخل في تحقق الواجب، فلا يمكن أن يتعلق الغرض بنفس المقدمة مع قطع النظر عن كونها طريقا إلى الغير كي يمكن أن يصير داعيا إلى إتيان العمل بقصد القربة كما قيل في الواجبات التعبدية.
فمندفع، أولا: بما ذكرنا من عدم توقف حصول الثواب على وجوب المقدمات، وثانيا: بما مر منا آنفا في جواب اشكال أن قصد القربة كيف يمكن ان يكون جزء للمأمور به.
تنبيه قد عرفت إمكان إتيان الطهارات الثلاث (الوضوء، الغسل، التيمم) على القول