إلى المكلف المراد الواقعي بسببين:
(أحدهما) الخطاب الأولي بالنسبة إلى العالم.
(ثانيهما) إيصاله بالخطاب الثانوي بالنسبة إلى الجاهل، أي نعني أن من لم يصل إليه الخطاب الأولي فالخطاب شأني باعتبار عدم قابلية وصول الخطاب إليه وفعلي أي بالنسبة إلى الخطاب الثانوي وإن كان التحقيق هو الثاني، لان إرادة وجود الفعل من العبد لا تختص بأن تكون بالخطاب الأولي، بل المقصود تفهيم المكلفين باختلاف حالاتهم بأسباب مختلفة إما بالخطاب الأولي أو بجعل الامارة عليه، فافهم واغتنم.
تذنيبات الأول: المراد بكون الحكم الواقعي فعليا هو فعليته في صورة العلم بالخطاب أو قيام الامارة أو الأصل عليه، بناء على ما قلنا من أن مفاد الطرق والأمارات أيضا الحكم الواقعي ما لم يكشف الخلاف.
أما عدم وجود العلم أو ما يقوم مقامه، فلا حكم بالضرورة، فكما أن الاجماع قائم على فعلية الحكم الواقعي في صورة العلم والامارة والأصل فكذا الاجماع قائم على عدم الحكم في صورة عدمها.
الثاني: قد عرفت أن القول بالموضوعية لا وجه له سيما على الوجه الثالث الذي ذكره الشيخ رحمه الله في رسائله - وهو سلوك الامارة على أنه طريق إلى الواقع يكون ذا مصلحة، فإنه ينجر إلى التناقض، لان كون سلوك الامارة ذا مصلحة يقتضي عدم استقلاليته وكونه طريقا يقتضي استقلاليته، وقد عرفت ما هو التحقيق في الجمع.
فهل يكون منشأ الحكم الظاهري أمر المولى بلزوم اتباع الامارة كما هو الظاهر، أو جعل المولى الحجية كما هو المستفاد من ظاهر كلمات المحقق