(أحدهما) انسداد باب التفهيم والتفهم وايصال المقاصد، إلا أن يكون للمتكلم طريق آخر غير ما هو المتعارف.
(ثانيهما) عدم الردع من الطريقة المعروفة عند العقلاء.
فحجية البناء ولو لم تكن ذاتية إلا أنها محفوفة بما يكون كالذاتي، فإن المفروض أنه لا طريق إلى إيصال المقاصد التي لا بد منها ولو كانت أخروية غير الألفاظ الظاهرة، فلو لم تكن حجة لزم اختلال النظام، فيحكم العقل حينئذ بلزوم الحجية (1).
ثم إذا ثبت هذا فهنا خلافان: (أحدهما) ما يظهر من المحقق القمي رحمه الله، وهو عدم حجية الظواهر بالنسبة إلى غير من قصد إفهامه.
وقد يوجه ما ذهب إليه المحقق القمي رحمه الله بأن منشأ القول بعدم حجية الظواهر مطلقا لا بد أن يكون بأحد أمرين: إما غفلة المتكلم عن إتيان ما له دخل في فهم المراد من قرينة مقالية متصلة أو منفصلة، وإما غفلة المخاطب عن فهم المراد باحتمال غفلته عن سماع القرينة اللفظية أو وجود قرينة حالية، وحيث إن المفروض لا طريق إلى احتمال غفلة المتكلم في الأحكام الشرعية وغفلة المخاطب عن الامرين مظنونة العدم - ولو بضميمة أصالة عدم الغفلة - فيحصل الظن بالمراد ظنا نوعيا، بمعنى أن اللفظ يكون بحيث لو خلى وطبعه يفيد الظن بالمراد نوعا وإن لم يفده في بعض الموارد.
وأصالة العدم إنما تجري في حق المقصود بالافهام، لامكان قيام القرينة في حق غيره، فلا يجوز العمل بإطلاق الظواهر وعمومها وحقائقها إلا بعد إحراز عدم