إن قلت: يمكن أن يكون له الأثر على كلا التقديرين. أما على تقدير كون القطع جزء للموضوع فيكفي كونه دخيلا في الموضوع جزء، بحيث لو انضم إليه الجزء الاخر الذي هو الامارة وأما على تقدير كون القطع تمام الموضوع ففيما إذا كان للمقطوع أثران: أحدهما يترتب على نفسه عند وجوده النفس الأمري وثانيهما يترتب عليه مع فرض قيام الامارة فيصح التنزيل باعتبار ذاك الأثر المترتب على نفسه. مثلا قد ثبتت الحرمة للخمر الواقعية والنجاسة لمعلومها، فإذا قامت الامارة على كون مايع خمرا يثبت النجاسة الواقعية للخمر المحكوم بالحرمة ظاهرا.
قلت: يرد على الأول بأن الخمر الذي هو جزء للموضوع إن كانت جزئيته بوصف كونه مما قامت به الامارة فالمفروض أنه مقطوع، وإن كانت مع قطع النظر عنه لزم الدور لان اعتبار قيام الامارة على كونه هذا خمرا موقوف على كونها ذات أثر وهو موقوف على قيام الامارة.
ويرد على الثاني أنه يلزم كون ما حكم به بالحكم الظاهري المتأخر عن الحكم الواقعي بمرتبتين متقدما عليه كذلك، وهو كما ترى فتأمل، فالأولى هو الوجه الأول.
قال الشيخ قدس الله نفسه - في التنبيه الأول بعد كلام له رحمه الله -: (لكن الكلام في أن قطعه هذا هل هو حجة عليه من الشارع وإن كان مخالفا في علم الله فيعاقب على مخالفته، أو أنه حجة عليه إذا صادف الواقع؟ (إلى أن قال:) ظاهر كلماتهم في بعض المقامات الاتفاق على الأول (إلى أن قال:) والحاصل: أن الكلام في كون هذا الفعل الغير المنهي عنه واقعا مبغوضا للمولى من حيث تعلق اعتقاد المكلف بكونه مبغوضا لا في أن هذا الفعل المنهي عنه باعتقاده ظاهرا ينبئ عن سوء سريرته (إلى أن قال:) لكن لا يجدي في كون الفعل محرما شرعيا (إلى أن قال:) ومن المعلوم أن الحكم العقلي باستحقاق الذم إنما يلازم استحقاق العقاب