وعلى الأول من قسمي الثاني نقول: لا إشكال في تحقق الاحتياط على النحو الأكمل لامكان إتيان المأمور به مع جميع ما يحتمل اعتباره حتى قصد الوجه أيضا، كما في التسبيحتين الأخيرتين في الركعتين الأخيرتين، فإن المشكوك في المثال ليس بنفسه متعلقا للامر، بل المتعلق هو الصلاة المنطبقة على مصاديقها على اختلافها شرطا أو جزء، فإن الحق أن الصلاة ماهية مقولة بالتشكيك، لها مراتب من حيث الأكملية والكاملية، وليس نفس الاجزاء بصلاة، وإلا كانت مشتركة لفظا، فإذا فرض انطباقها على مجموع الاجزاء سواء كانت واجبة أم مندوبة كان إتيانها مع قصد الوجه بمكان من الامكان بالنسبة إلى مجموعها من حيث هي، وإن لم يتميز بعض اجزائها وجوبا أو ندبا، لان قصد الوجه المعتبر على تقديره إنما هو في المأمور به، والمفروض أنه عنوان الصلاة، والمفروض انطباقها على نفس الاجزاء، لان وجوبها ضمني عقلي لا نفسي شرعي كما لا يخفى.
فتصحيح تعلق الامر الوجوبي بالاجزاء المستحبة منحصر فيما ذكرنا، لا ما قد قيل من أن هناك أمرين: أحدهما وجوبي تعلق بالأقل، والاخر استحبابي تعلق بالأكثر من حيث هو هو، ولا منافاة بين وجوب الأقل واستحباب الأكثر.
فإن فيه: أن للأكثر إما دخلا في تحقق الواجب أم لا؟ وعلى الأول يلزم أن يكون الآتي بالأقل غير آت بالواجب وهو باطل، وعلى الثاني يلزم أن يكون الآتي بالأكثر آتيا بواجب وغيره وهو باطل أيضا.
هذا كله فيما إذا كان المشكوك مرددا بين الواجب والمستحب.
وأما إذا كان مرددا بين المتباينين فالاشكال - إن كان - فإنما هو في كيفية قصد التقرب، لا في قصد الوجه لأنه يأتي به بداعي الوجوب ولو لم يعلم أنه الواجب أم غيره، ولا في قصد التميز لان مرجعه إلى كيفية قصد التقرب أيضا، لا في أصل قصد القربة لأن المفروض أن ما هو الواجب واقعا كان داعيا إلى إتيانه مكررا.
وبالجملة - بعد الفراغ عن كون المأمور به المردد تعبديا بين الأمور