قلت: لا مانع منه أصلا في صورة تركهما فإنه يترتب على التمرد كما أن الثواب يترتب على الإطاعة، فإن أتى بالأهم لا يستحقه أصلا لعدم تحقق شرط الامر بالمهم، والمفروض إطاعة الأهم، وإن أتى بالمهم دون الأهم فيستحق عقابا واحدا لمكان التمرد بالنسبة إليه، وإن تركه أيضا فعليه عقابان، لان ترك المهم لا يستلزم انقلاب التمرد بالنسبة إلى التمرد الحاصل من ناحية ترك الأهم.
ثم إنه نقل عن الشيخ المحقق الأنصاري قدس سره في مقام تأسيس الأصل عند تعارض الدليلين على تقدير السببية أن مقتضى القاعدة التخيير بمعنى أن وجوب العمل بكل منهما مشروط بعدم العمل بالآخر، فوجوب كل مشروط بعدم العمل بالآخر.
واستشكل عليه بعض الأعاظم رحمه الله بأن الشيخ غير قائل بالترتب من طرف واحد مع أنه يلزم عليه ذلك، بل هنا أشد، لأنه من الطرفين كما لا يخفى.
أقول: لا يخفى عدم ورود الاشكال عليه، فإن أحد الامرين في المقام مطلق، باق على إطلاقه حتى عند تحقق الامر الثاني، غاية الامر أنه لا أثر له بالفرض بخلاف ما أسسه الشيخ الأنصاري قدس سره، فإن كل واحد من الامرين مشروط وجودا بعدم العمل بمقتضى الدليل الاخر، فلم يجتمعا قط.
نعم، يمكن أن يستشكل بأنه عند عدم الاتيان بواحد منهما يجتمع الأمران لتحقق شرطهما، اللهم إلا أن يقال بأن مرجع ما ذكره إلى التخيير، فلا يجتمع الأمران أيضا.
فانقدح بذلك كله صحة القول بالترتب وإمكانه عقلا ووقوعه شرعا وعرفا.
الامر بشئ مع علم الامر بانتفاء شرطه اختلفوا في جواز أمر المولى بشئ مع علمه بانتفاء شرطه، واتفقوا على أن