من أفراد العام مفهوما، بمعنى أن له قابلية أن تشمل الافراد ذاتا إلا لمانع قصر شموله، فيرجع في الحقيقة إلى أن العام على قسمين: (أحدهما) ما بقي على عمومه (وثانيهما) ما لم يبق عليه فكونهما حينئذ متقابلين كما يظهر من كلماتهم كما ترى.
والظاهر أن مناط العموم هو كون العنوان الواحد آلة لملاحظة الكثرات بما هي متميزات، فالأصل في العموم أن يكون استغراقيا، وأما البدلي فظاهر أنه ليس المراد بالعموم إلا بمؤنة زائدة، وأما المجموعي فحمله عليه خلاف ظاهر اللفظ.
وهنا تنبيهات:
الأول الظاهر أن للعموم صيغة تخصه، لان المتكلم إذا أراد إلقاء المعنى إلى المخاطب فلا محالة يضع بإزائه لفظا يدل عليه.
وأما احتمال أن كل ما ادعى أنه للعموم فهو للخصوص أو المشترك بينه وبين العموم مستدلا بأنه المتيقن، بضميمة القاعدة المعروفة ما من عام إلا وقد خص.
فمردود، بأنه إن كان المراد أن تيقن الإرادة علة لان يكون الواضع قد وضعه لذلك ففيه أن الإرادة متأخرة عن الاستعمال المتأخر عن الوضع، فكيف يكون علة للوضع؟ وإن كان المراد أنه علة لعلمنا بأن الوضع كان للخصوص ففيه أن الخصوصيات مختلفة باعتبار اختلاف المخصصات كما لا يخفى، فكيف يمكن أن يقال: إنه وضع للخصوص مع أنه مختلف مثلا قولنا: (أكرم القوم إلا زيدا) يكون المخصص الباقي غير زيد وإذا استثنى عمرا يكون الباقي غير عمرو وهكذا؟
فتدبر.
الثاني ما وقع في سياق النفي سواء كان نكرة أو معرفا بلام الجنس يفيد العموم لأنه