بالمبادئ الغير الاختيارية لا أقل من عدم الإرادة الأزلية.
وذلك فإن الافعال ليست مستندة إلى الإرادة أصلا بل إلى الاختيار كما حققناه.
واعلم (1) - رحمك الله - أيها الأخ العزيز أن التكلم في كل مسألة يحتاج إلى بصيرة فيها، مثلا الصانع إذا صنع سريرا فليس لغير الصانع أن يتكلم في أطراف هذا السرير ويقول إن الصانع كيف صنعه؟ وكيف يستعمله؟ ويتكلم في كميته وكيفيته إلا أن يكون هو أيضا من أهل تلك الصنعة وبصيرا بما هو مادة أصلية للسرير.
فما نحن فيه - أعني مسألة الطلب والإرادة المتعلقين بذات الباري تعالى، بل مطلق صفاته الكمالية والجلالية والتكلم فيها كيفا وكما للمخلوق الفقير المحتاج بتمام ذاته وصفاته إلى الله الغني بالذات الغير المحتاج على الاطلاق بكل وجه يتصور بل فوق ما يتصور - من هذا القبيل فعليك بالوقوف فيما لا تعلم وعدم الغور في الشبهات، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات كما ورد عنهم عليهم السلام (2).
إذا عرفت ما تلوناه عليك مفصلا وبيناه علمت أن مسألة الطلب والإرادة لا دخل لها بما نحن بصدده، أعني مفهوم الطلب.
فالحق أنه حقيقة في الانشاء اللفظي المتحقق بالانشاء عند اعتبار المنشئ بأي لفظ كان كقوله: آمرك، وافعل، واطلب منك، وغيرها من الألفاظ الدالة على الطلب.
وهو على قسمين: ايجابي، وندبي.