مانعا ولو بنحو العموم، مثل حديث الرفع (1) وقوله عليه السلام: (كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر) (2) ونحوها، والكلام فيه أيضا كالكلام في القسم الأول في الاجزاء والحكومة ومن هنا (3) انقدح حال أدلة الامارات، مثل أن يخبر العادل مثلا بطهارة الثوب، وثبت بالدليل حجية قول العادل ووجوب تصديقه في الموضوعات، فإن مفاد أدلة اعتبار الامارات بعينه مفاد دليل الأصول في كونه ظاهرا في الاجزاء بمقتضى القاعدة ما لم يمنع عنه مانع عقلي.
فتلخص مما ذكرنا أنه لا فرق بين أدلة الأصول وأدلة اعتبار الامارات من هذه الجهة.
نعم بينهما فرق من جهة أخرى، وهو أنها (4) حاكمة عليها، لأنها كالمفسر لها عرفا كما لا يخفى.
(إن قلت:) (5) مقتضى اطلاق دليل الحكم الواقعي شموله لصورة الجهل ولم يمكن تقييده أو تخصيصه بصورة العلم بملاحظة الأدلة الظاهرية فإنه - مضافا إلى أنه يلزم من ذلك أن لا يتحقق الموضوع قط ضرورة أن الحكم لا يتحقق إلا بعد تحقق موضوعه بجميع أجزاءه وقيوده، والمفروض أن من القيود العلم بالحكم المفروض عدم ثبوته بعد فلا يمكن تحققه - غير ممكن (6) عقلا، بداهة اختلاف مرتبتهما، فإن موضوع الحكم الواقعي مقدم على موضوع الحكم الظاهري بمرتبتين، ولا يمكن كون شئ متأخرا ولو بمرتبة واحدة مقيدا أو مخصصا لما هو كذلك فضلا عن مرتبتين، فحينئذ بناء على ما ذكرت من الاجزاء يلزم اختصاص الحكم بالعالم والمفروض عدم الاختصاص به كما مر بيانه.