(السادس) أن تعليل الحكم بعلة مشتركة بينه وبين غيره قبيح بنظر العرف، فلا بد إما من رفع اليد عن القيد، والمفروض دخالته في هذا الحكم ظاهرا.
وإما حمل التبين على التبين الاطمئناني الذي يسكن عند الاضطراب الحاصل من قول الفاسق، وادعاء حصول هذا المقدار من الاطمئنان بخبر العادل باعتبار أن احتمال غفلته مدفوع بأصالة عدمه الذي عليه إطباق العقلاء عملا، واحتمال تعمده في الكذب مدفوع بفرض وجود الملكة، ودعوى حصول الفسق وذهاب الملكة بنفس هذا الاخبار ضعيفة فيحصل الاطمئنان بعد التأمل.
ولا يبعد صحة هذا الحمل، فتأمل.
وربما يقال: إن أدلة حجية خبر الواحد مطلقا - أي دليل كان سواء كان مفهوم آية النبأ أو غيره - لا تنهض لاثبات حجية الاخبار مع الواسطة - مثل أن يقول الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله مثلا: أخبرني المفيد رحمه الله قال: أخبرني الصدوق رحمه الله قال:
وكذا - لانصراف الأدلة إلى غير هذه الصورة.
وفيه: أنه إن كان المراد بانصراف الأدلة إلى الاخبار بلا واسطة ففيه منع الانصراف أولا، ومنع كون الاخبار مع الواسطة إخبارا بلا واسطة.
فإن كل خبر - بعد فرض ثبوته بواسطة إخبار من تقدمه - خبر بلا واسطة بالنسبة إلى المنقول إليه.
وإن كان المراد لزوم توقف تحقق إخبار المفيد رحمه الله في المثال على تصديق الشيخ رحمه الله فيما أخبره، والمفروض أن ما أخبره هو اخبار المفيد رحمه الله، وهو لا يتحقق إلا بتصديق الشيخ رحمه الله، فيلزم توقف الموضوع - الذي هو إخبار المفيد - على الحكم الذي هو وجوب التصديق المتوقف على تحقق الموضوع في المرتبة المتقدمة، وهو دور.