فلا حاجة إلى تجشم دعوى أن لفظة (لعل) منسلخة عن المعنى الحقيقي وأريد منها المعنى المجازي، أو أن مدخول (لعل) محبوب قطعا فيدل على محبوبية الحذر وغير ذلك من المحامل، كما لا يخفى.
نعم، هنا أمران آخران لا بد من بيانهما:
الأول: هل الآية الشريفة دالة على لزوم العمل بقول المنذرين وإخبارهم مطلقا ولو لم يفد علما أم لا؟
وجهان: من عدم تقييد متعلق الوجوب الكفائي وهو (طائفة) بكونهم عددا يفيد قولهم العلم عادة. ومن أن الغرض الأصلي من الترغيب إلى النفر هو نشر الاحكام الدينية بين الناس وانتشارها وصيرورتهم عالمين كما ينبه عليه (ليتفقهوا في الدين) فالغرض هو التفقه في الدين وإبلاغ المتفقه وحذر المنذرين - بالفتح - ما بلغه، فلا إطلاق في الآية حينئذ.
لكن الأول أوجه، فإن تعليق وجوب الحذر على المنذرين - بالفتح - على حصول العلم بالأحكام بإخبارهم موجب لأحد محذورين - على سبيل منع الخلو -: إما نقض الغرض وإما حمل الآية على خلاف ما هو المتعارف، لانهم إذا أنذروا لم يحصل لهم العلم، فإما يجب عليهم النفر كي يحصل لهم العلم بصدقه والمفروض لزوم الاختلال المانع عن وجوب النفر على جميعهم، وإما أن يجب من الأول نفر جماعة يوجب قولهم العلم للباقين وهو خلاف إطلاق متعلق الوجوب الكفائي، فإن (طائفة) تطلق على الجماعة وعلى الواحد. نعم، لا إشكال في لزوم حصول الاطمئنان بقولهم وهو كاف.
الثاني: هل يشمل قوله تعالى: (ليتفقهوا في الدين... الخ) الناقلين للحديث بعنوان التحديث لا بعنوان التفقه أم لا؟ فنقول:
إن تحمل الحديث على أنحاء:
(الأول) تحمل الألفاظ فقط من دون اعتقاد بحجية قول المتكلم، بل يعتقده