ومما يؤكد ذلك تصدي المحقق الشريف لإقامة البرهان على البساطة: بأن الالتزام بالتركيب يستلزم أحد المحذورين المتقدمين، وظاهر أن إثبات البساطة اللحاظية لا يحتاج إلى مؤنة استدلال وإقامة برهان، فإن المرجع الوحيد لإثباتها فهم أهل العرف أو اللغة، ولا إشكال في أنهم يفهمون من المشتق معنى واحدا كما يفهمون من غيره من الألفاظ المفردة ذلك (1).
ومن الغريب ما صدر عن المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، حيث قال ما لفظه هذا: (إرشاد: لا يخفى أن معنى البساطة - بحسب المفهوم - وحدته إدراكا وتصورا، بحيث لا يتصور عند تصوره إلا شئ واحد، لا شيئان وإن انحل بتعمل من العقل إلى شيئين: كانحلال مفهوم الحجر والشجر إلى شئ له الحجرية أو الشجرية مع وضوح بساطة مفهومهما. وبالجملة: لا تنثلم بالانحلال إلى الاثنينية بالتعمل العقلي وحدة المعنى وبساطة المفهوم كما لا يخفى. والى ذلك يرجع الإجمال والتفصيل الفارقان بين المحدود والحد مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا، فالعقل بالتعمل يحلل النوع ويفصله إلى جنس وفصل بعد ما كان أمرا واحدا إدراكا، وشيئا فاردا تصورا، فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع والرتق) (2).
وجه الغرابة: هو ما عرفت من أن ما يصلح لأن يكون مورد البحث والنزاع هو البساطة والتركيب بحسب التحليل العقلي، لا بحسب الإدراك والتصور، ضرورة أن البساطة اللحاظية لا تصلح لأن تكون محورا للبحث ومركزا لتصادم الأدلة والبراهين العقلية، بل لا تقع تحت أي بحث علمي كما لا يخفى.
وقد أشرنا آنفا: أن المرجع في إثباتها فهم العرف، لأن واقعها انطباع صورة علمية واحدة في مرآة الذهن، سواء أكانت قابلة للانحلال في الواقع - كمفهوم