الملحوظة فيها، بخلاف الثانية، فإن النظر فيها إلى المعنى الأعم من ذلك.
وبعبارة أخرى: المسائل الأصولية هي الواسطة في الثبوت، والقواعد الفقهية هي الواسطة في العروض، ضرورة أن الشهرة أجنبية عن موضوع المسألة وهو " فعل المكلف " الذي أريد إثبات الوجوب مثلا له، وقاعدة " ما يضمن بصحيحه... " منطبقة على مصاديقها الذاتية، وبعد الانطباق يثبت الحكم قهرا، فافهم واغتنم.
هذا، والذي يسهل الخطب: أن علم الأصول ليس بعلم كسائر العلوم الحقيقية أو الاعتبارية، وذلك لأن الذي كان في أول الأمر مدونا هو الفقه، ولما كان الفقيه محتاجا إلى تحرير بعض المسائل التي يكثر الابتلاء بها في الفقه، وكان يرى لزوم تكرارها في الكتب العديدة، بل والمسائل المختلفة من أول الفقه إلى آخره، دون في ديباجة الكتاب وفي مقدمته ما يكون شاملا لهذه المباحث، ثم بعد الاستكمال صار ذلك كثير المسائل، فرآه أنه بلغ إلى حد يليق بالاستقلال.
ولذلك ترى المباحث فيه مختلفة تجمعها السنخية، إلا أن بينها الاختلاف، فإن منها ما هو لغوي محض، ومنها ما هو عقلي محض، وليس أحد من العلوم المدونة إلى عصرنا، تكون مسائله متباعدة بعضها عن بعض إلى هذا الحد.
ولذلك يشكل تصوير الموضوع له، فأنكر جماعة موضوع جميع العلوم، أو طائفة منها (1)، مع أن الأمر ليس كما توهموه، وقال الآخرون بالإبهام والإجمال (2)، كما مضى تفصيله (3).