لا مانع من كون البحث في حجية المفاهيم أيضا من مباحث العلم، لأن كون النزاع صغرويا، لا يورث عدم كونها من مسائل العلم.
نعم، البحث عن وجود المفهوم وعدمه، من المبادئ لتلك المسألة التي هي مفروغ عنها وثابتة بالضرورة، كمسألة القطع، بل والعلم الاجمالي، دون الحجة الإجمالية، فلا تخلط.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن الجهة المبحوث عنها في المسائل المشار إليها وإن لم تكن من مسائل العلم، إلا أن ذلك في حكم الصغرى، ومن المبادئ لما هو الحجة بالضرورة، فإذا ثبتت الملازمة مثلا بين الإرادة الأصلية والإرادة المتعلقة بالمقدمة، فلا بد أن يجب شرعا ذلك، إلا أن ثبوت تلك الإرادة محل البحث، كثبوت القطع في قطع القطاع، فإنه يبحث عنه في أن قطعه هو القطع الحجة، أو ليس هو ذلك.
فبالجملة: يمكن إدراج تلك المسائل في موضوع العلم.
ولكنه مع ذلك ربما يشكل الأمر، لأن مناط المسألة الأصولية، هو إمكان كونها واقعة في طريق الاستنباط إمكانا ذاتيا ووقوعيا واستعداديا قريبا، لا بعيدا، وعند ذلك يخرج مباحث المعاني الحرفية، والوضع، والمشتقات، والصحيح والأعم، وكثير من مباحث الأمر والنهي، والمسائل المشار إليها من هذا القبيل.
ولو صح إدراج تلك المسائل بالتقريب المزبور في الموضوع المذكور، للزم إدراج مباحث اللغة والنحو والصرف أيضا، التي ربما يحتاج إليها الأصولي في تحرير مسائله، فخروج هذه المباحث من علم الأصول، مما لا بد منه.
وإن شئت قلت: المراد من " الحجة والدليل " إن كان كل ما يمكن احتجاج الفقيه به في إثبات محمول المسألة لموضوعها في الفقه، فهو أعم من الكبريات الأصولية بالضرورة.
وإن كان المراد منه هي الحجة، بمعنى الوسط في الإثبات، فمباحث البراءة