ومنها: ما يكون موضوعه الواقع غير المحفوظ كالطب، فإنه كان موضوعه " بدن الانسان " ثم تشعب إلى الشعب الكثيرة، فصار كل عضو موضوعا لعلم على حدة، ومثله النحو والصرف، فإنهما كانا أولا علما واحدا، ثم صارا علمين.
ومن العلوم ما يكون موضوعه الأمر الاعتباري، ولا واقعية له.
ومنها: ما يكون موضوعه الأمر الذهني، كالمنطق.
ومنها: ما يكون موضوعه الأمر الذهني المتعلق بالخارج، كالحساب. فوحدة العلم وكثرته اعتبارية.
كما أشرنا سابقا: إلى إمكان رجوع العلوم الكثيرة إلى العلم الواحد، بل يمكن جعل جميع العلوم من العلم الأعلى، لأن البحث فيه عن أحوال الأعيان الخارجية وأحكامها، ويلحق به البحث عن آثارها وخواصها البسيطة والمركبة (1).
وأما العلم، فقد مضى أنه نفس المسائل المتشتتة، ونسبة المسائل بعضها إلى بعض مختلفة، وقد فصلنا في الناحية الثانية ما يتعلق به (2).
والذي يظهر: أن مسائل العلوم هي الموضوعات والمحمولات قبل ثبوتها لها، لا بعدها، للزوم الخروج عن كونها مسألة قبل الإثبات. وقد مضى في كلام جمع من أهل المعقول جعل النسبة المرددة محمول الموضوع (3)، ولكنه غير تام، لأن النسبة المرددة كاذبة، وتام لأجل أن لفظة " المسألة " من " السؤال " ومعناه التردد في الأمر، فتدبر.
وأما تمايز العلوم، فهو على ما عرفت ب " الموضوعات "، على التفسير الذي