قلت: هذا بناء على التوهم المشهور: من كون موضوع العلم جامع موضوعات المسائل، وأما على ما عرفت: من أنه جامع محمولات المسائل، فلا يلزم الإشكال، وقد مر بيان الكبرى الكلية في ذلك (1).
وفي مقام تطبيقها على موضوع الأصول نقول: موضوع كل علم إما هو الثابت بالضرورة، أو يثبت في العلم الأعلى، وأما في نفس العلم فهو الأمر الواضح، ويكون البحث في الجهات المجهولة والأمور غير المعلومة التي من عوارضه الذاتية.
فأصل وجود الحجة على الأحكام الثابتة في الشريعة المقدسة، مما لا شبهة فيه، فإنا نعلم بالتكاليف، ونعلم بلزوم الخروج عن عهدة تلك الوظائف الإلهية، ولا نعلم أن ما هو الحجة أي شئ، وأي أمر يكون هو الدليل على تلك الوظائف، فيقع هذا مورد الفحص والبحث، فهل الخبر الواحد حجة، أو الشهرة حجة، أو الاستصحاب حجة، أو الخبر المعارض حجة... وهكذا؟
وكون الحجة محمولا في تلك القضايا، لا يستلزم عدم كون الجامع موضوعا للعلم، لعدم البرهان على لزوم ذلك، كما عرفت (2).
وإن شئت قلت: ما هو موضوع العلم هنا أيضا جامع الموضوعات، إلا أن حقيقة القضايا المستعملة في العلم: " أن الحجة المعلومة بالإجمال، هل هي الشهرة، أم الاجماع، أو السنة، أو الكتاب، أو غير ذلك؟ " فالأصولي يفحص عن تعينات الحجة وتطوراتها ومظاهرها، كما في العلم الإلهي الأعظم.
إن قلت: الأمر كما أشير إليه في كثير من مباحث العلم، كالظواهر، والاستصحاب وخبر الواحد، ولكن أكثر المسائل الأصولية تكون خارجة، كالبحث عن مسألة اجتماع الأمر والنهي، ووجوب المقدمة، ومسائل البراءة والاشتغال، مما