القوم: من التمسك بالاستصحاب (1)، في غير محله.
وثالثة: هو البراءة، كما في الفرض الذي ذكرناه، أو فيما إذا ورد التكليف بعد زوال العلم، أو كان حين التكليف بإكرام العلماء، معذورا بالأعذار الشرعية المورثة لارتفاع الحكم الفعلي، وإذا زال علمه ارتفع عذر المكلف، وعند ذلك تجري البراءة، لعدم العلم بحدوث التكليف.
نعم، بناء على القول: بأن تلك الأعذار في حكم الأعذار العقلية، في عدم ارتباطها بالتكاليف الإلهية - كما تقرر في محله (2) - فلا معنى للبراءة، بل يتعين الاستصحاب، إلا على إشكال مضى منا، فلاحظ وتدبر جيدا.
إن قلت: استصحاب بقاء الحكم إلى الغد مقدم على البراءة، كما فيما إذا شك في أثناء شهر رمضان في أن اليوم الثلاثين يجب صومه أم لا، فإنه لا يرجع إلى البراءة، بل المرجع هو الاستصحاب، موضوعيا كان، أو حكميا.
قلت: لا ينبغي الخلط بين كون الواجب مما ينطبق على الزمان، كالصوم وشهر رمضان، وما لا ينطبق، كالدين وإكرام العالم، وبين ما يكون الشك في بقاء الحكم الشخصي واستمراره، وبين ما يتعدد الحكم بتعدد الأزمنة، وبين ما لا يجري فيه الأصل الموضوعي، كما نحن فيه، وما يجري فيه، كما في شهر رمضان على ما تقرر في محله، ضرورة أن في مثل شهر رمضان يجري الأصل الموضوعي، فيجب الصوم في اليوم المشكوك وإن كان حكما مستقلا، وليس من استمرار الحكم السابق.
وفي مثل الدين لا معنى للشك في البقاء غدا، لعدم انطباقه عليه، وتجري - قهرا - البراءة.