غرابة. فالأصل الشرعي العدمي النعتي غير معارض بمثله.
نعم، في جريانه الذاتي شبهة المثبتية.
ولكنها تتم إذا أريد إثبات الظهور في الكلمة، أو في الجملة، وأما إذا أريد منه إعمال التعبد في مقام العمل، وأن الذي هو شاك في حد الوضع، فعليه ترتيب آثار الوضع للأعم في مقام العمل، فيكون أعميا تعبدا، فلا يصح له التمسك بالبراءة في مورد الشك، كما يأتي تفصيله.
وقد يخطر بالبال أن يقال: إن الواضع وإن لا يحتاج في وضعه للأعم إلى لحاظ العمومية، إلا أنه ربما لاحظ ذلك غفلة.
ولكنه مدفوع: بأصالة عدم الغفلة، وهي معتبرة بعد أدائها إلى العمل كما لا يخفى، فتأمل. هذا كله قضية الأصل في حد الوضع.
وأما مقتضى الأصول العملية فهو مختلف:
فتارة: هو الاشتغال، لجريان الاستصحاب، كما إذا كان زيد عالما، ثم زال علمه، فشك في وجوب إكرامه المعلوم سابقا، فإن مقتضى الاستصحاب الحكمي ذلك.
وقد يقال: بعدم جريان الأصل الحكمي، لحكومة الأصل الموضوعي عليه (1).
وفيه: أنه محل إشكال جريانه، لأن الشبهة مفهومية، فكما أن الكرية السابقة لا تحرز بالاستصحاب، إذا علم بأنه أقل من الكر عند المشهور، ويحتمل كونه كرا عند الآخرين، كذلك لا يحرز عالميته بالاستصحاب، وذلك لما قيل واشتهر: " من أن الاستصحاب لا يجري في الشبهات المفهومية " (2).