وأما توهم عدم جريان الأصل الحكمي، فهو من الغفلة عن حقيقة الحال، ضرورة أن زيدا الخارجي كان واجب الإكرام، وشك في وجود إكرام ذلك الموجود الخارجي المحفوظة موضوعيته لقضية: " لا تنقض اليقين بالشك " (1) فما في حاشية الإيرواني (رحمه الله) (2) لا يخلو من تأسف، وقد تبعه بعض آخر (3).
وبعبارة أخرى: عدم إجراء الاستصحاب بعد الاستتار، لا ينافي جريان استصحاب وجوب الصلاة على المكلف، ولا ينبغي الخلط بين الموضوع والحكم.
وأخرى: هو الاشتغال أيضا، لأجل حكم العقل، كما إذا ورد " أكرم زيدا العالم العادل " فإن اللازم هو الاحتياط، لدوران الأمر بين التعيين والتخيير. وقد تقرر في محله ذلك (4).
وربما يخطر بالبال أن يقال: بأن الشك الاستصحابي، يتصور فيما إذا علمنا بوجوب إكرام زيد، ثم شك في ذلك بعد زوال علمه، وأما إذا فرضنا أن زيدا العالم الذي وجب إكرامه في اليوم، يصير جاهلا في الغد، فإن قضية البراءة هو عدم الوجوب، والشك البراءتي مقدم في الوجود على الشك الاستصحابي، ويصير هادما لموضوعه.
وهذا نظير ما إذا شك في أن مقدار الدين ألف، أو هو مع زيادة، فإن الشك البراءتي موجود بالفعل، وقضيته عدم وجوب الزيادة، وإذا أدى دينه المعلوم - وهو الألف - يكون شاكا في فراغ الذمة، وقضية الاستصحاب بقاء دينه، إلا أن البراءة هدمت موضوعه في المرتبة السابقة على وجوده تعبدا، كما لا يخفى، فما أفاده