تلبسه الفعلي، أي أن زيدا فعلا ضارب، وصدر منه الضرب بالفعل، وفي الحال.
وعلى الأعمي إنها لا تدل إلا على صدور الضرب منه، واتصافه به، وأما صدوره عنه فعلا فيحتاج إلى دليل آخر، كما أن صدوره عنه في الزمان الماضي أو الاستقبال يحتاج إلى كلمة تدل عليه، فلا تغفل.
وعلى هذا، لا بد من تغيير عنوان المسألة، حتى لا يكون إجمال في محل البحث، ومصب النفي والإثبات، فنقول في عنوان البحث: " هل العناوين الجارية على الذوات، موضوعة للدلالة على أن الجري كان بلحاظ تلبسها بمبادئها فعلا، أو هي موضوعة للدلالة على أصل التلبس بها، وتكون جارية عليها لذلك؟ ".
وغير خفي: أن ما صنعه الأصحاب من جعل محط البحث الحقيقة والمجاز (1)، غير صحيح، لأن الحقيقة والمجاز من الأوصاف الطارئة على الاستعمال، والبحث هنا حول الموضوع له وحدوده تصورا ولحاظا، فلا تخلط.
ومن هنا يظهر ما أسمعناكم: من أن نزاع المشتق على ما تحرر عندهم، أمر غير معقول، إلا على بعض الوجوه التي أشرنا إليها (2)، على إشكال فيها، وأما النزاع الذي تصدينا لتحريره، فهو أمر معقول وممكن، وقريب جدا عقلا ولغة كما لا يخفى، ضرورة عدم لزوم التزام أحد من العقلاء: بأن هذه العناوين قابلة للحمل على كل شئ من غير لزوم المرجح الواقعي، ولا يلزم التزامه بأن الهيئة موضوعة، وتكون دالة مع قطع النظر عن دلالة المادة، بحيث إذا قيل: " زيد متحرك " تكون الهيئة دالة على أن زيدا له الحركة، والحركة التي هي المادة لا تدل على شئ أو تدل على الأعم من التحرك والسكون.