بعد الشك في حدود الموضوع له.
نعم، يمكن النزاع في المشتق بالمعنى الذي ذكرناه: وهو أن الجملة الحملية مثلا، هل هي ظاهرة في اتصاف الموضوع بالمحمول بالفعل، وحين الجري، أو لا تدل إلا على أصل الاتصاف، وأما الفعلية فتعلم من القرائن (1)؟
فتحصل إلى هنا: سقوط النزاع المعروف قطعا.
ومما يدل عليه اتفاقهم على صحة استعمال المشتقات بلحاظ الزمان المستقبل، فلو كان كلمة " عالم " موضوعة في اللحاظ التصوري للمعنى الأعم، كانت مجازا في قولك: " زيد يصير عالما " أو " سيكون بصيرا " وهكذا، فيعلم من ذلك: أن الموضوع له عند الكل واحد، وإنما الاختلاف في مفاد القضايا المشتملة على المشتقات الجارية على الذوات، والعناوين الجارية على الموضوعات، وأنها هل هي تدل على التلبس حال الجري، أو لا تدل إلا على أصل الاتصاف؟
فنقول: إن آخر ما يمكن أن يستدل به على عدم دلالتها إلا على أصل التوصيف: أن مفاد القضايا الحملية غير مقرون بالزمان، ولا دال في تلك القضايا على التلبس الفعلي، لخلوها عنه، ضرورة أن الموضوع والمحمول غير دالين إلا على معانيهما، والهيئة في الجملة لا تحكي إلا عن نحو اتحاد بين الموضوع والمحمول.
فعلى هاتين المقدمتين، يتعين خلوها عن الدلالة على التلبس حال الجري، فإذا قيل: " زيد ضارب " أو " عالم " أو هكذا، فلا تكون الجملة حاكية إلا عن الاتحاد في الجملة.
نعم، إذا قيل: " هو ضارب أمس " أو " في الغد " أو " فعلا " تصير - بدال آخر - ظاهرة في زمن الاتصاف.