فإذن بقي في المقام قولان، وما هو المحرر منا سابقا: أن القائلين بالأعم لا يريدون أعمية مفهوم المشتق، بالمعنى الذي تصوره الأصحاب - رضوان الله تعالى عليهم - (1)، ضرورة أنه لو سئلوا عن معنى " العالم، والجاهل، والقادر، والعاجز، والبصير، والأعمى " لا يجيبون إلا بما يرادفها في الفارسية، وهي كلمة: (دانا، نادان، توانا، ناتوان، بينا، ونابينا) من غير تأمل وتدبر.
فالأعمي كالأخصي في مرحلة الوضع الإفرادي، وفي المعنى التصوري بالضرورة، ولا ريب في أن هذه الألفاظ في مرحلة الإفراد والتصور، كألفاظ الجامدات ك " الشجر " و " الحجر " في خلوها عن الزمان، فلا معنى لاعتبار الانقضاء واللا انقضاء والحال والاستقبال هنا، فعليه يعلم أن الكل مشترك في المعنى الموضوع له في العناوين الجارية على الذوات.
ويشهد على ما ذكرنا: أن العنوان الذي ذكرها القوم، كان حول مرحلة التصديق والاستعمال والحقيقة والمجاز، وكنا عدلنا عنه (2)، لعدم إمكان البحث اللغوي في مفاد الهيئات التصورية إلا بالوجه الذي عنوناه، كما لا يخفى.
إن قلت: هذا هو الذي أفاده صاحب " المحجة ": " من أن النزاع في المشتق مخصوص بمرحلة التطبيق والصدق، وليس في مرحلة المفهوم والوضع " (3).
قلت: كلا، فإن جوابه قد مضى في مطاوي بحوثنا السابقة (4)، ضرورة أن البحث في التطبيق، لا يعقل إلا بعد الفراغ عن الوضع، ولا يعقل الشك في التطبيق، إلا