إن قلت: بناء عليه يلزم كون النزاع في المشتق من الأمر المبتذل الركيك، وقد فررتم من ذلك.
قلت: كلا، فإن اختلافهم يرجع إلى أن الهيئة مثلا، موضوعة للموصوف بالمبدأ بالفعل، بحيث تدل على التلبس الفعلي، أو لا تدل إلا على أصل الاتصاف بالمبدأ، وأما الفعلية وغيرها فتعلم من الدوال الاخر، فلو ورد " أكرم العالم " أو " جئني بعالم " فلا دلالة للهيئة على ذلك، نعم ربما يدل القرائن المتصلة على الأخص، وهذا خارج عما نحن بصدده.
فما توهمه بعض: من أن الجمل الاسمية ظاهرة في التلبس الفعلي، لعله مربوط بهيئة الجملة، أو بأمر آخر: من الاستعمال الكثير، وغير ذلك، فلا ينبغي الخلط بين الظهور الوضعي، والاستظهار الإطلاقي، فربما يدعي الأعمي ما يدعيه الأخصي، للاستظهار الإطلاقي من الجمل الاسمية، أو من العناوين الجارية على الذوات في مثل " أكرم العالم " و " جئني بعالم " فإن كل ذلك لقرائن خارجية، لا لدلالة الهيئة التصورية.
وإن شئت قلت: النزاع في المشتق راجع إلى أن الهيئة، هل هي موضوعة للدلالة على أن الجري بلحاظ حال التلبس الفعلي، أو الأعم؟ وهذا هو مرادنا من كلمة " بالفعل " وأما ما أراده غيرنا منها، فيرجع إلى النزاع الذي استظهرنا سقوطه (1)، وعدم إمكان التزام أحد من العقلاء بمثله، كما مر.
وبعبارة واضحة: إذا قيل: " زيد ضارب " فقضية هيئة الجملة، هو نحو اتحاد بين الموضوع والمحمول، وكلمة " زيد " تدل على المسمى المعلوم، و " الضرب " على الحدث الواضح، وهيئة المحمول - على الأخصي - تدل على أن الجري بلحاظ