ولعله يرجع إلى الاقتضاء أيضا.
فعلى هذا، التلبس والانقضاء المعتبران في العنوان، بمعنى واحد مفهوما، ومختلفان مصداقا وخارجا، فإذا زال الاجتهاد، وأعرض عن بيع العطر والبقل وهكذا، يأتي نزاع المشتقات، وهكذا إذا زالت القوة والاقتضاء والاستعداد، يأتي البحث المزبور. وظاهرهم الاتفاق على الجواب المشار إليه، معتقدين انحلال المعضلة به، كما لا يخفى ولا يستر.
قلت: فيما أفادوه نظر واضح، وذلك لأن الهيئة في الكل بمعنى واحد، فلا يكون اختلاف المبادئ مستندا إليها، فيبقى كونه مستندا إلى المواد، فتكون " التجارة والنجارة والاجتهاد والبقل والثمرة والقتل والإشراق والإحراق والإسهال " وغير ذلك، دالة على الحرفة والصناعة والملكة والقوة والاستعداد.
وأنت خبير: بخلوها من تلك الدلالة التصورية قطعا، ضرورة أن " القتل " في جملة " السم قاتل " و " زيد قاتل " بمعنى واحد، و " التجارة " في جملة " زيد تاجر " و " عمرو اتجر " بمعنى واحد، و " البقل " في جملة " عندي بقل " وفي " زيد بقال " بمعنى واحد، ومثله " الاجتهاد " و " الطبابة " وغير ذلك، فلا دلالة في شئ منها إلا على نفس الفعل، لو كان مما يدل على الفعل مقابل الوصف، أو على الوصف ك " الشجاعة والعدالة والشرافة والبخل " فلا يدل إلا على أوصاف النفس مقابل الأفعال.
فمجرد تفسير كلمة " التلبس والانقضاء " غير كاف في حل ذلك الإعضال، فلا اختلاف قطعا بين المبادئ، بالمعنى الذي قرره الأعلام - رضوان الله تعالى عليهم -.
نعم، كما أشير إليه آنفا، تختلف المبادئ حسب اختلاف موضوعاتها، فمنها:
ما هي من قبيل أوصاف النفس، ومنها: ما هي من قبيل أفعال البدن.
ولو كانت المواد المذكورة دالة على ما أفاده القوم، كان مجرد اتخاذ السفر