إن قلت: قضية ذلك العنوان دخول مطلق الجوامد - ك " الشجر، والحجر، والجسم، والملح، والكلب، والماء " - في محل البحث، مع أنه لا نزاع في ذلك، ولم يعهد من أحد من الأصحاب توهم صدق المذكورات على غيرها.
قلت أولا: صريح العنوان بقاء الذات في الحالتين، ولا معنى لذلك في الأمثلة المزبورة، ضرورة أن تغيير الحالة فيها يوجب تغييرا في الذات، فإذا صار الكلب ملحا فليست الجهة الباقية هي الذات، بل هي قوة الذات، وقد تقرر: أن شيئية الشئ بصورته (1)، فعليه لا تندرج هذه الأمور في عنوان المسألة.
والمراد من " الذات المحفوظة في الحالتين " هي الذات العرفية، لا العقلية، فلا يرد ما أورده الوالد المحقق - مد ظله - (2): من انحفاظ الذات في مثل " الثلج، والماء، والخمر، والخل " ضرورة أن هذه الأمور وإن كانت داخلة في العنوان، ولكنها في الفرض المزبور تكون خارجة، لاختلاف ذاتهما عرفا، ومن هذا القبيل " البخار، والماء، والحرارة، والنار " وهكذا.
وثانيا: لا بأس بالالتزام بخروجها، لاتفاقهم على أن الألفاظ الموضوعة لها، وضعت على الوجه الأخص.
وثالثا: الالتزام بكونها داخلة في محل البحث مما لا بأس به، لإمكان ترتب الثمرة في بعض الأحيان.
مع أن من الممكن إرادة الأعم من كلمة " الذات " فإنها كما تطلق على الصور النوعية، تطلق على الهيولى المنحفظة في الأحوال والحركات، كيف؟! وقد قال أرباب المعقول: " النطفة انسان بالقوة " (3) وهكذا، فيعلم منه: أن الموضوع له في