وقد يتوهم انعقاد النذر هنا، لأن المسألة من صغريات بحث الاجتماع والامتناع، فلا مانع من كون الصلاة واجبة، والصلاة في المكان الكذائي مكروهة، فتكون " الكراهة " بمعناها الواقعي المجامع خارجا للوجوب، كما يجتمع الحرمة والوجوب.
وهذا واضح المنع، لأن ما صح هناك يختص بما إذا كان بين العنوانين عموم من وجه، لا العموم المطلق، فإنه محل إشكال، بل منع عندنا، فليراجع (1)، ولا تخلط.
وربما يخطر بالبال دعوى: أن القدرة التي هي شرط صحة النذر، لا تنافي العجز الآتي من قبله، فإن الناذر المريد لترك الصلاة، يريد التوصل به إلى تركها، فلو تمكن من تركها تكوينا فهو أولى وأحسن، فمتعلق النذر مع قطع النذر عنه مقدور، وبالنذر معجوز عنه، وهو المطلوب.
فالنذر صحيح، بل هو هنا أولى بالصحة، لأنه أراد تعجيز نفسه تشريعا فصار عاجزا تكوينا.
فبالجملة: القدرة المعتبرة في تحقق النذر، هي القدرة على المنذور مع قطع النظر عنه، ولذلك لا يصح نذر ترك الطيران في الهواء، وأما العجز عن الحنث بالنذر فهو غير مضر. وهذا هو السر في تجويز النهي التشريعي عن المبغوض على الإطلاق، إذا انتفى.
فتحصل إلى هنا: أن ما توهمه الأعمي من اختصاصه بإمكان الحنث دون غيره، محل البحث من جهات أشير إليها.
والذي هو الحق: هو أن إنكار صحة النذر المزبور، غير ممكن بالضرورة، فلا بد من حل هذه المعضلات، فلو كان المنذور صحيحا بعد النذر - كما هو مختار